تقسيم الوقت في React: إتقان أولوية العرض لتحسين تجربة المستخدم

في عالم تطوير الويب الحديث، يعد تقديم تجربة مستخدم (UX) سلسة وسريعة الاستجابة أمرًا بالغ الأهمية. مع تزايد تعقيد تطبيقات React، يصبح ضمان الأداء الأمثل تحديًا متزايدًا. يقدم تقسيم الوقت في React (React Time Slicing)، وهو ميزة رئيسية ضمن الوضع المتزامن (Concurrent Mode) في React، حلاً قويًا لإدارة أولوية العرض ومنع تجميد واجهة المستخدم، مما يؤدي إلى تحسين تجربة المستخدم بشكل كبير.

ما هو تقسيم الوقت في React؟

تقسيم الوقت في React هي ميزة تسمح لـ React بتقسيم عمل العرض إلى أجزاء أصغر قابلة للمقاطعة. بدلاً من حظر الخيط الرئيسي بمهمة عرض واحدة طويلة، يمكن لـ React التوقف مؤقتًا، وإعادة التحكم إلى المتصفح للتعامل مع مدخلات المستخدم أو المهام الحرجة الأخرى، ثم استئناف العرض لاحقًا. هذا يمنع المتصفح من أن يصبح غير مستجيب، مما يضمن تجربة أكثر سلاسة وتفاعلية للمستخدم.

فكر في الأمر مثل إعداد وجبة كبيرة ومعقدة. بدلاً من محاولة طهي كل شيء دفعة واحدة، قد تقوم بتقطيع الخضروات، وإعداد الصلصات، وطهي المكونات الفردية بشكل منفصل، ثم تجميعها في النهاية. يسمح تقسيم الوقت لـ React بفعل شيء مشابه مع العرض، حيث يجزئ تحديثات واجهة المستخدم الكبيرة إلى قطع أصغر يمكن إدارتها.

لماذا يعتبر تقسيم الوقت مهمًا؟

الفائدة الأساسية لتقسيم الوقت هي تحسين الاستجابة، خاصة في التطبيقات ذات واجهات المستخدم المعقدة أو تحديثات البيانات المتكررة. إليك تفصيل للمزايا الرئيسية:

• تحسين تجربة المستخدم: من خلال منع المتصفح من التوقف، يضمن تقسيم الوقت بقاء واجهة المستخدم مستجيبة لتفاعلات المستخدم. يترجم هذا إلى رسوم متحركة أكثر سلاسة، وأوقات استجابة أسرع للنقرات وإدخالات لوحة المفاتيح، وتجربة مستخدم أكثر متعة بشكل عام.
• تحسين الأداء: على الرغم من أن تقسيم الوقت لا يجعل العرض أسرع بالضرورة من حيث الوقت الإجمالي، إلا أنه يجعله أكثر سلاسة وأكثر قابلية للتنبؤ. هذا مهم بشكل خاص على الأجهزة ذات قدرة المعالجة المحدودة.
• إدارة أفضل للموارد: يسمح تقسيم الوقت للمتصفح بتخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة، مما يمنع المهام الطويلة من احتكار وحدة المعالجة المركزية والتسبب في إبطاء العمليات الأخرى.
• تحديد أولويات التحديثات: يمكّن تقسيم الوقت React من إعطاء الأولوية للتحديثات المهمة، مثل تلك المتعلقة بمدخلات المستخدم، على المهام الخلفية الأقل أهمية. هذا يضمن استجابة واجهة المستخدم بسرعة لإجراءات المستخدم، حتى عندما تكون هناك تحديثات أخرى قيد التنفيذ.

فهم React Fiber والوضع المتزامن

يرتبط تقسيم الوقت ارتباطًا وثيقًا ببنية Fiber والوضع المتزامن في React. لفهم المفهوم بالكامل، من الضروري فهم هذه التقنيات الأساسية.

React Fiber

React Fiber هو إعادة كتابة كاملة لخوارزمية التسوية (reconciliation) في React، مصممة لتحسين الأداء وتمكين ميزات جديدة مثل تقسيم الوقت. الابتكار الرئيسي في Fiber هو القدرة على تقسيم عمل العرض إلى وحدات أصغر تسمى "fibers". يمثل كل fiber قطعة واحدة من واجهة المستخدم، مثل مكون أو عقدة DOM. يسمح Fiber لـ React بإيقاف العمل واستئنافه وتحديد أولوياته في أجزاء مختلفة من واجهة المستخدم، مما يتيح تقسيم الوقت.

الوضع المتزامن (Concurrent Mode)

الوضع المتزامن هو مجموعة من الميزات الجديدة في React التي تفتح إمكانيات متقدمة، بما في ذلك تقسيم الوقت، و Suspense، والانتقالات (Transitions). يسمح لـ React بالعمل على إصدارات متعددة من واجهة المستخدم بشكل متزامن، مما يتيح العرض غير المتزامن وتحديد أولويات التحديثات. لا يتم تمكين الوضع المتزامن افتراضيًا ويتطلب الاشتراك فيه.

تنفيذ تقسيم الوقت في React

للاستفادة من تقسيم الوقت، تحتاج إلى استخدام الوضع المتزامن في React. إليك كيفية تمكينه وتنفيذ تقسيم الوقت في تطبيقك:

تمكين الوضع المتزامن

تعتمد طريقة تمكين الوضع المتزامن على كيفية عرض تطبيق React الخاص بك.

• للتطبيقات الجديدة: استخدم createRoot بدلاً من ReactDOM.render في ملف index.js الخاص بك أو نقطة الدخول الرئيسية للتطبيق.
• للتطبيقات الحالية: قد يتطلب الانتقال إلى createRoot تخطيطًا واختبارًا دقيقين لضمان التوافق مع المكونات الحالية.

مثال باستخدام createRoot:

import React from 'react';
import { createRoot } from 'react-dom/client';
import App from './App';

const container = document.getElementById('root');
const root = createRoot(container); // createRoot(container!) إذا كنت تستخدم TypeScript
root.render();

باستخدام createRoot، فإنك تشترك في الوضع المتزامن وتمكن تقسيم الوقت. ومع ذلك، فإن تمكين الوضع المتزامن ليس سوى الخطوة الأولى. تحتاج أيضًا إلى هيكلة التعليمات البرمجية الخاصة بك بطريقة تستفيد من قدراته.

استخدام useDeferredValue للتحديثات غير الحرجة

يسمح لك الخطاف useDeferredValue بتأجيل التحديثات إلى الأجزاء الأقل أهمية في واجهة المستخدم. هذا مفيد للعناصر التي لا تحتاج إلى تحديث فوري استجابةً لمدخلات المستخدم، مثل نتائج البحث أو المحتوى الثانوي.

مثال:

import React, { useState, useDeferredValue } from 'react';

function SearchResults({ query }) {
  // تأجيل تحديث نتائج البحث لمدة 500 مللي ثانية
  const deferredQuery = useDeferredValue(query, { timeoutMs: 500 });

  // جلب نتائج البحث بناءً على الاستعلام المؤجل
  const results = useSearchResults(deferredQuery);

  return (
    

      {results.map(result => (
        
{result.title}
      ))}
    
  );
}

function SearchBar() {
  const [query, setQuery] = useState('');

  return (
    

       setQuery(e.target.value)}
      />
      
    
  );
}

function useSearchResults(query) {
  const [results, setResults] = useState([]);

  React.useEffect(() => {
    // محاكاة جلب نتائج البحث من واجهة برمجة التطبيقات (API)
    const timeoutId = setTimeout(() => {
      const fakeResults = Array.from({ length: 5 }, (_, i) => ({
        id: i,
        title: `Result for "${query}" ${i + 1}`
      }));
      setResults(fakeResults);
    }, 200);

    return () => clearTimeout(timeoutId);
  }, [query]);

  return results;
}

export default SearchBar;

في هذا المثال، يؤخر الخطاف useDeferredValue تحديث نتائج البحث حتى تتاح لـ React فرصة للتعامل مع التحديثات الأكثر أهمية، مثل الكتابة في شريط البحث. تظل واجهة المستخدم مستجيبة، حتى عندما يستغرق جلب وعرض نتائج البحث بعض الوقت. يتحكم المعامل timeoutMs في الحد الأقصى للتأخير؛ إذا توفرت قيمة أحدث قبل انتهاء المهلة، يتم تحديث القيمة المؤجلة على الفور. يمكن أن يؤدي تعديل هذه القيمة إلى ضبط التوازن بين الاستجابة وحداثة البيانات.

استخدام useTransition لانتقالات واجهة المستخدم

يسمح لك الخطاف useTransition بتمييز تحديثات واجهة المستخدم على أنها انتقالات، مما يخبر React بإعطائها أولوية أقل من التحديثات الأخرى. هذا مفيد للتغييرات التي لا تحتاج إلى أن تنعكس على الفور، مثل التنقل بين المسارات أو تحديث عناصر واجهة المستخدم غير الحرجة.

مثال:

import React, { useState, useTransition } from 'react';

function MyComponent() {
  const [isPending, startTransition] = useTransition();
  const [data, setData] = useState(null);

  const handleClick = () => {
    startTransition(() => {
      // محاكاة جلب البيانات من واجهة برمجة التطبيقات (API)
      setTimeout(() => {
        setData({ value: 'New data' });
      }, 1000);
    });
  };

  return (
    

      
        {isPending ? 'Loading...' : 'Load Data'}
      
      {data && 
Data: {data.value}
}
    
  );
}

export default MyComponent;

في هذا المثال، يميز الخطاف useTransition عملية تحميل البيانات على أنها انتقال. سيعطي React الأولوية للتحديثات الأخرى، مثل مدخلات المستخدم، على عملية تحميل البيانات. تشير العلامة isPending إلى ما إذا كان الانتقال قيد التقدم، مما يسمح لك بعرض مؤشر تحميل.

أفضل الممارسات لتقسيم الوقت

للاستفادة بشكل فعال من تقسيم الوقت، ضع في اعتبارك هذه الممارسات الأفضل:

• تحديد نقاط الاختناق: استخدم محلل React (React Profiler) لتحديد المكونات التي تسبب مشاكل في الأداء. ركز على تحسين هذه المكونات أولاً.
• تحديد أولويات التحديثات: فكر بعناية في التحديثات التي يجب أن تكون فورية وتلك التي يمكن تأجيلها أو التعامل معها كانتقالات.
• تجنب عمليات العرض غير الضرورية: استخدم React.memo و useMemo و useCallback لمنع إعادة العرض غير الضرورية.
• تحسين هياكل البيانات: استخدم هياكل بيانات فعالة لتقليل الوقت المستغرق في معالجة البيانات أثناء العرض.
• التحميل الكسول للموارد: استخدم React.lazy لتحميل المكونات فقط عند الحاجة إليها. فكر في استخدام Suspense لعرض واجهة مستخدم بديلة أثناء تحميل المكونات.
• الاختبار الشامل: اختبر تطبيقك على مجموعة متنوعة من الأجهزة والمتصفحات للتأكد من أن تقسيم الوقت يعمل كما هو متوقع. انتبه بشكل خاص للأداء على الأجهزة منخفضة الطاقة.
• مراقبة الأداء: راقب أداء تطبيقك باستمرار وقم بإجراء التعديلات حسب الحاجة.

اعتبارات التدويل (i18n)

عند تنفيذ تقسيم الوقت في تطبيق عالمي، ضع في اعتبارك تأثير التدويل (i18n) على الأداء. يمكن أن يكون عرض المكونات بلغات مختلفة مكلفًا من الناحية الحسابية، خاصة إذا كنت تستخدم قواعد تنسيق معقدة أو ملفات ترجمة كبيرة.

فيما يلي بعض الاعتبارات الخاصة بالتدويل:

• تحسين تحميل الترجمة: قم بتحميل ملفات الترجمة بشكل غير متزامن لتجنب حظر الخيط الرئيسي. فكر في استخدام تقسيم الشيفرة (code splitting) لتحميل الترجمات المطلوبة فقط للغة الحالية.
• استخدام مكتبات تنسيق فعالة: اختر مكتبات تنسيق تدويل محسنة للأداء. تجنب استخدام المكتبات التي تقوم بحسابات غير ضرورية أو تنشئ عقد DOM مفرطة.
• التخزين المؤقت للقيم المنسقة: قم بتخزين القيم المنسقة مؤقتًا لتجنب إعادة حسابها بشكل غير ضروري. استخدم useMemo أو تقنيات مشابهة لحفظ نتائج دوال التنسيق.
• الاختبار بلغات متعددة: اختبر تطبيقك بمجموعة متنوعة من اللغات لضمان عمل تقسيم الوقت بفعالية في لغات ومناطق مختلفة. انتبه بشكل خاص للغات ذات قواعد التنسيق المعقدة أو التخطيطات من اليمين إلى اليسار.

مثال: تحميل الترجمة غير المتزامن

بدلاً من تحميل جميع الترجمات بشكل متزامن، يمكنك تحميلها عند الطلب باستخدام الاستيراد الديناميكي (dynamic imports):

import React, { useState, useEffect } from 'react';

function MyComponent() {
  const [translations, setTranslations] = useState(null);

  useEffect(() => {
    async function loadTranslations() {
      try {
        const module = await import(`./translations/${getCurrentLocale()}.json`);
        setTranslations(module.default);
      } catch (error) {
        console.error("Error loading translations:", error);
      }
    }

    loadTranslations();
  }, []);

  if (!translations) {
    return 
Loading translations...
;
  }

  return (
    
{translations.greeting}
  );
}

function getCurrentLocale() {
  // منطق لتحديد اللغة الحالية، على سبيل المثال، من إعدادات المتصفح أو تفضيلات المستخدم
  return 'en'; // مثال
}

export default MyComponent;

يوضح هذا المثال كيفية تحميل ملفات الترجمة بشكل غير متزامن، مما يمنعها من حظر الخيط الرئيسي ويحسن استجابة التطبيق. معالجة الأخطاء مهمة أيضًا؛ تضمن كتلة `try...catch` اكتشاف وتسجيل الأخطاء أثناء تحميل الترجمة. الدالة `getCurrentLocale()` هي عنصر نائب؛ ستحتاج إلى تنفيذ المنطق لتحديد اللغة الحالية بناءً على متطلبات تطبيقك.

أمثلة على تقسيم الوقت في تطبيقات العالم الحقيقي

يمكن تطبيق تقسيم الوقت على مجموعة واسعة من التطبيقات لتحسين الأداء وتجربة المستخدم. إليك بعض الأمثلة:

• مواقع التجارة الإلكترونية: تحسين استجابة قوائم المنتجات ونتائج البحث وعمليات الدفع.
• منصات التواصل الاجتماعي: ضمان التمرير السلس والتحديثات السريعة للخلاصات والتفاعلات المستجيبة مع المنشورات.
• لوحات معلومات تصور البيانات: تمكين الاستكشاف التفاعلي لمجموعات البيانات الكبيرة دون تجميد واجهة المستخدم.
• منصات الألعاب عبر الإنترنت: الحفاظ على معدلات إطارات متسقة وعناصر تحكم مستجيبة لتجربة لعب سلسة.
• أدوات التحرير التعاوني: توفير تحديثات في الوقت الفعلي ومنع تأخر واجهة المستخدم أثناء جلسات التحرير التعاونية.

التحديات والاعتبارات

بينما يقدم تقسيم الوقت فوائد كبيرة، من الضروري أن تكون على دراية بالتحديات والاعتبارات المرتبطة بتنفيذه:

• زيادة التعقيد: يمكن أن يضيف تنفيذ تقسيم الوقت تعقيدًا إلى قاعدة التعليمات البرمجية الخاصة بك، مما يتطلب تخطيطًا واختبارًا دقيقين.
• احتمالية ظهور تشوهات بصرية: في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي تقسيم الوقت إلى تشوهات بصرية، مثل الوميض أو العرض غير المكتمل. يمكن التخفيف من ذلك عن طريق إدارة الانتقالات بعناية وتأجيل التحديثات الأقل أهمية.
• مشاكل التوافق: قد لا يكون الوضع المتزامن متوافقًا مع جميع مكونات React أو المكتبات الحالية. الاختبار الشامل ضروري لضمان التوافق.
• تحديات تصحيح الأخطاء: قد يكون تصحيح الأخطاء المتعلقة بتقسيم الوقت أكثر صعوبة من تصحيح أخطاء شيفرة React التقليدية. يمكن أن يكون محلل React DevTools أداة قيمة لتحديد وحل مشاكل الأداء.

الخاتمة

يعد تقسيم الوقت في React تقنية قوية لإدارة أولوية العرض وتحسين تجربة المستخدم لتطبيقات React المعقدة. من خلال تقسيم عمل العرض إلى أجزاء أصغر قابلة للمقاطعة، يمنع تقسيم الوقت تجميد واجهة المستخدم ويضمن تجربة مستخدم أكثر سلاسة واستجابة. في حين أن تنفيذ تقسيم الوقت يمكن أن يضيف تعقيدًا إلى قاعدة التعليمات البرمجية الخاصة بك، فإن الفوائد من حيث الأداء وتجربة المستخدم غالبًا ما تستحق الجهد المبذول. من خلال فهم المفاهيم الأساسية لـ React Fiber والوضع المتزامن، ومن خلال اتباع أفضل الممارسات للتنفيذ، يمكنك الاستفادة بشكل فعال من تقسيم الوقت لإنشاء تطبيقات React عالية الأداء وسهلة الاستخدام تسعد المستخدمين في جميع أنحاء العالم. تذكر دائمًا تحليل أداء تطبيقك واختباره جيدًا لضمان الأداء الأمثل والتوافق عبر مختلف الأجهزة والمتصفحات.